من فضائل وأثر العلم الشرعي أنه يَسبق العمل الصالح ويدل عليه. وهذا ما ذكره الإمام البخاري رحمه الله في كتاب العِلم في صحيحه، واستدل عليه بالقرآن من قوله تعالى:
﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾. (محمد 19)
فابتدأت الآية بالعلم بالتوحيد وانتهت بالاستغفار وهو عمل. وفي حديث معاذ المشهور في فضل العلم الذي ذكره ابن عبد البر وغيره: تعلموا العٍلم فإن تعلُّمه لله خشية وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد وتعليمه من لا يعْلَمُهُ صدقه وبذلُهُ لأهله قُربه.
وفيه قال: وهو إمام والعمل تابعه. وأن العمل الصالح المقبول عند الله هو الذي يكون موافقاً لشرع الله ولسُنّة الرسول ومتقناً ومراداً به وجه الله ومخلصاً له، ولا يتمكن العامل من الاتيان بعمل بهذه الشروط إلا بالعلم الشرعي. فالعلم هو الدليل على القبول والإتقان والإخلاص.
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ﴾. (المائدة 27)
والعلوم الشرعية المختلفة من عقيدة وشريعة وفقه وتفسير وفتوى وغيرها تؤثر بشكل إيجابي في حياة المسلم فتدفعه إلى الإيمان والاستقامة والصلاح والعمل الصالح وفعل الخير وإسداء النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الآثار الطيبة.
لذلك أمر الله تعالى بطلب العلم الشرعي والتفقه في الدين لأنهما يؤديان إلى الإيمان والحق والرشاد والعمل الصالح والثبات على الدين والفلاح في الدنيا والآخرة
﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (الحج 54)
ومن فضائل وثمرات العلم لشرعي في حياة الإنسان المسلم، الإيمان واليقين والرضا والطمأنينة والراحة النفسية، قال تعالى:
﴿وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ﴾ (البقرة)
إن العلم الشرعي يدفع الإنسان المسلم إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وإلى فعل الطاعات وأداء العبادات والقيام بالأعمال الصالحة.
فالمسلم الذي يطلب العلم الشرعي من القرآن والسنة ويوقن بالله وبتوفيقه لا يلتبس عليه الحق من الباطل ولا تروج عنده الشائعات والشبهات ولا تغويه شبهات الدنيا وملذاتها مصداقاٍ لقوله تعالى:
﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة 24)